هدية جارة لجارتها
• عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة " . ( أخرجه البخاري )
• شرح الحديث : لا تحقرن جارة لجارتها : أي لا تحقرن هدية مهداة لجارتها ، فرسن شاة : عظم قليل اللحم ، وهو للبعير موضع الحافر من الفرس ويطلق على الشاة مجازا ، وأشير بذلك الى المبالغة فى اهداء الشئ اليسير وقبوله لا الى حقيقة الفرسن .. لأنه لم تجر العادة باهدائه ، وبهذا يكون المعنى : لا تمنع جارة عن اهداء جارتها ما عندها بسبب قلته ، بل ينبغي أن تجود لها ما تيسر وان كان قليلا فهو خير من العدم ... واذا تواصل القليل صار كثيرا .
• هذا الحث من النبي صلى الله عليه وسلم على تبادل الهدايا بين الجارات ، هدايا الطعام وغيره ، تحقق الاستجابة له وفاقا عظيما بين أفراد المجتمع ، وتوثق علائقه ، وتقوى روابطه ، وتحفظه من كل ما يصيب المجتمعات من فرقة أفرادها ، وتعاديهم ، ونزاعهم .
• ان ما تتركه عملية الاهداء فى النفس من آثار طيبة ، وما تنشئه من علاقات الود والوئام بين المهدية والمهدى اليها ، خير وقاية لأي خلاف أو نزاع يمكن أن ينشأ أو ينشب بين الجارات .
ولا شك في أن ما سيسود علاقات الجارات من ود ووفاق وسلام ... سيعم أيضا أزواجهن وأولادهن ، لأن المرأة عادة هى من يطيل المكث في البيت أكثر من الأزواج والأبناء ، وهى من يؤثر فيهم من حيث حسن الصلة أو سوؤها بين الجيران ، وهذا من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم حين وجه المرأة الى عدم التردد في اهداء جارتها .
• وفي قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تحقرن جارة لجارتها " معالجة لطبع غالب في النساء ، وهو رفضهن اهداء جارتهن القليل ، فاذا ما طلب الزوج من زوجته اهداء جيرانهم شيئا .. استقلته ، أو احتقرته ، فتعمد الى التأجيل لأنها تريد أن تهديهم ما هو أفضل أو أكثر ، فتتعطل أسباب المودة بسبب هذا التأجيل المتكرر من الزوجة .. وهذا أيضا من حكمته صلى الله عليه وسلم .
• ليت كل زوجة تستجيب لدعوته صلى الله عليه وسلم ، فتهدى جارتها من حلوى لذيذة صنعتها ، أو أكلة طيبة أعدتها ، أو فاكهة اشترتها ، أو زجاجة عطر استطابتها لها ، أو لعبة مسلية وجدتها مناسبة لطفلها ، أو كتاب مفيد قرأته فرغبت انتفاع جارتها به ، أو مجلة اسلامية وجدت فيها نصائح وعلما مفيدا ، أو شريطا مسجلا عليه محاضرة أو درس ...
الهدايا كثيرة ، وفي تقديمها من الجارة الى جارتها طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجلب للمودة ، وتوثيق الصلة ، وأداء لحق الجوار ... وكسب للأجر والثواب أيضا .